Let's Read

سقوط الدولة الأموية

الدولة الأموية هي أول دولة قامت بعد انتهاء عصر الخلفاء الراشدين عام 41 ميلادي، إذ انتهت الخلافة إلى معاوية بن أبي سفيان بعد مقتل علي بن أبي طالب آخر الخلفاء الراشدين، ويعود نسب الأمويين إلى أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، ويلتقي نسبه مع نسب رسول الله عليه الصلاة والسلام في عبد مناف. كان أمية في العصر الجاهليّ سيداً من سادات قريش، كعمه هاشم بن عبد مناف جد رسول الله عليه الصلاة والسلام، إلا أنّه فاقه في المال والولد، وكان البيتان الأموي، والهاشمي، يتنافسان على رئاسة قريش في مكة، وبظهور النبوة في بني هاشم فإنّهم فاقوا بني أمية في شرف الدخول إلى الإسلام، ونصرة الدعوة، والجهاد بالمال، والنفس، أمّا بنو أمية فلم يناصر الرسول إلا قليلٌ منهم، وحارب معظمهم الإسلام بقيادة أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية، والذي لم يُسلم إلا عند فتح مكة عام 8 هجرية مع بعض الأمويين، لكن الأمويون تداركوا ما فاتهم، وكان لهم أثرٌ عظيمٌ في فتوحات بلاد الشام، وعندما أصبح معاوية بن أبي سفيان والياً عليها أُعجب أهلها بدهائه، وسياسته، وحكمته، واستمر على هذا الحال حتى استلم زمام أمور الدولة الإسلامية، فجعل من دمشق العاصمة وثبّت فيها أركان المُلك.[١] سقوط الدولة الأموية انهارت الدولة الأموية عام 132 هجرية، وسارع الناس لمبايعة الخليفة العباسي، معلنين بذلك قيام الدولة العباسية وانتهاء عهد الدولة الأموية.[٢] عوامل سقوط الدولة الأموية اختلفت آراء المؤرّخين في العصر القديم والحديث حول أسباب سقوط الدولة الأموية، ولم يكن هناك سبب واحد لسقوطها، بل تعددت العوامل وتجمّعت حتى هدمت بنيان الدولة، ومن هذه العوامل:[٣][٤] الثورات التي قامت ضدّ الأمويين عبر التاريخ بدءاً بثورة الحسين بن علي ضدّ يزيد بن معاوية، والتي انتهت باستشهاد الحسين في كربلاء في شهر محرم من عام 61 هجرية، انتقالاً إلى ثورة التوابين، والتي قام فيها من خذلوا الحسين بالثورة على بني أمية مطالبين بثأر الحسين كإعلان عن ندمهم وتوبتهم، وذلك في عام 64 هجرية. ثم قامت ثورة المختار بن عبيد الله الثقفي في الكوفة عام 66 واستمرت حتى عام 67 هجرية، ونتج عنها هزيمة الأمويين في عدة معارك، وإقامة دولة في الكوفة وضواحيها، وقتل عبيد الله بن زياد أمير العراق، وانتهت هذه الثورة بمقتل المختار على يد الزبيريين عام 67، وبعدها وقعت ثورة زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب في الكوفة عام 121، وذلك في عهد الخليفة هشام بن عبد الملك، بالإضافة إلى العديد من الثورات، ولم تكن الثورات السابقة ذات تأثير عسكري على الدولة عدا ثورة المختار، ولكن جميعها كان لها أثرٌ نفسي، وهو ما استغله الدعاة العباسيين في التجهيز لثورتهم ضد الأمويين. ومن الثورات التي أدت إلى إضعاف الدولة الأموية أمام الأعداء بشكل كبير؛ ثورة الخوراج، وذلك لما اتصفت به من قوة واتساع وعنف، إذ لم تترك مجالاً للدولة الأموية لتستريح، وبقيت تشتعل في أماكن مختلفة حتى آخر لحظة في الخلافة الأمويّة، وخاصةً في العراق، وجنوب الجزيرة العربية، وبلغت أقصى درجات العنف في عهد مروان بن محمد، والذي حصلت في عهده آخر ثورات الخوارج وأعنفها بقيادة أبي حمزة الخارجي، والضحّاك بن قيس الشيباني. معاداة الموالي للدولة الأموية الموالي هم سكان البلاد التي فتحها المسلمون، وهم من أصول غير عربية، حيث لم يترك بعضهم دعوة للثورة إلا وأجابوها ولا ثورة ضدّ البلاد إلا واستغلوها، فقاتلوا مع المختار الثقفي، وعبد الرحمن بن أشعث، وقد كان عدد الموالي معه في ثورته مكافئاً لعدد العرب، كما قاتلوا مع يزيد بن مهلب، وناصروا الخوارج، وتحالفوا مع الشيعة، وربما يعود السبب الرئيسي لمعاداة الموالي للدولة الأموية؛ أن بعض طوائفهم لم يستطيعوا التخلص من ذكرى الماضي حيث كانوا أسياد العرب قبل الإسلام، فلما فتح المسلمون بلادهم اجتهدوا في تدمير الدولة. التعصّب القبليّ بالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلها بعض خلافاء الدولة الأموية؛ كمعاوية بن أبي سفيان، وعمر بن عبد العزيز، وعبد الملك بن مروان وأولاده، للحد من العصبية، والتعامل معها بشكل متوازن، والوعي بخطورتها على وحدة الدولة وصفوفها، إلا أنّ العصبية انتشرت بشكل كبير في بعض المراحل، كما حدث بعد وفاة يزيد بن معاوية وتنازل ابنه معاوية الثاني عن الخلافة، وأيضاً بعد مقتل الوليد بن يزيد وحدوث نزاعات في صفوف العائلة الأموية نفسها في الفترة الأخيرة من الحكم؛ ففي هذه الفترة التي بدأت من عام 125 إلى عام 132 انتشرت العصبية بشكل كبير، ولم يستطع أحد السيطرة عليها؛ وذلك لأن بعض الخلفاء لم يكونوا مؤهّلين للخلافة فكانوا سبباً في إشعال النزاعات بدلاً من محاربتها. ولاية العهد حرص معاوية بن أبي سفيان على البيعة لابنه يزيد، وذلك تجنباً لوقوع فتنة محتملة، واتبع خلافاء الدولة الأموية من بعده هذه السُّنة، فأدى ذلك إلى حدوث خلاف بين أفراد الأسرة الأموية، فعلى سبيل المثال؛ انتقم سليمان بن عبد الملك من الذين كانوا يحرّضون أخاه الوليد على خلعه من ولاية العهد، وقتَل اثنين منهم وهما؛ محمد الثقفي وقتيبة بن مسلم، ونتج عن ذلك انقسام في صفوف الأمويين فاستغل هذه الفرصة من رغب بإسقاط حكمهم. بالإضافة إلى أسباب مهمة أخرى كالانقسام الداخلي للأسرة الحاكمة، وعدم الموازنة بين توسع حركة الفتوحات والعمل على تمكين الإسلام في تلك المناطق المفتوحة.