Fun in Science

مراحل عمل الانسان

النمو علم النمو هو العلم الذي يهتم بدراسة التغيرات التي تحدث للإنسان، وتؤدي إلى حدوث تغييرات في سلوكه على مدى مراحل زمنية متتالية منذ لحظة الإخصاب إلى لحظة الممات، بدءاً من مرحلة طفولته، مروراً بمرحلة المراهقة والرشد، وصولاً إلى مرحلة الشيخوخة. أما النمو فهو مجموعة التغيرات المتسلسلة التي تؤدي بالفرد إلى النضج واستمراره ليصل أعلى مراحله ثم يبدأ بعد ذلك بالانحدار والاضمحلال. حيث إن مراحل نمو الإنسان تشتمل على الزيادة في اتجاه، ثم الاضمحلال في اتجاه آخر، فمثلاً تزداد الوظائف الحيوية لدى الإنسان وتستمر في الزيادة إلى أن يصل منتصف الخمسين من عمره، ثم تبدأ بعد ذلك بالانحدار، ومن خلال عملية النمو تتطور إمكانيات الأشخاص، وتظهر هذه الإمكانيات على شكل مهارات وصفات شخصية تتعلق بمدى نضجه المرتبط في الجوانب البيولوجية، والفسيولوجية، والعصبية، وتعلمه من الممارسة، والتدريب، وتكوين الخبرات.

ويمكن تعريف النمو بشكل عام على أنه سلسلة من التغيرات المتتالية المرتبطة بالبناء التشريحي، والوظائف الفسيولوجية، والتكوينات الوظيفية، والنشاطات البيئية، والتي تحدث وفقاً لأسلوب معين منظم ومتكامل في فترات زمنية متسلسلة، وتظهر هذه التغيرات في مختلف الجوانب التكوينية والوظيفية للكائنات الحية، والتي تشمل الإنسان وغيره من الكائنات الحية الأخرى. كما يرتبط تغير سلوك الكائن الحي بنموه ارتباطاً وثيقاً، حيث يمكن القول إن نمو الكائن الحي بشكل عام ونمو الإنسان بشكل خاص هو عملية متكاملة يمكن قياسها وتقييمها بدرجة عالية من الدقة، وهي مجموعة من التغيرات المترابطة والتي تشتمل على الجانب التشريحي في تكوين الفرد، والجانب الفسيولوجي، والجانب السلوكي.

وللنمو مظهران أساسيان، يتعلق المظهر الأول بالنمو العضوي أو التكويني والذي يرتبط بالصفات الجسمانية كالطول، والوزن، والنمو الفسيولوجي، والنمو الحسي، ونمو أجهزة الجسم المختلفة بشكل عام، أما المظهر الثاني فيتعلق بالنمو السلوكي، ويشتمل على نمو الوظائف النفسية، والنمو الانفعالي، والنمو الاجتماعي في مختلف المراحل العمرية.

ومعنى أن النمو سلسلة منظمة ومتكاملة تسير من الداخل إلى الخارج، أي إنه في البداية تنمو أجهزة الجسم الداخلية، يليها نمو الأجهزة الخارجية، ويمر كل إنسانٍ بهذه المراحل، حتى وإن تأخر نموه في مرحلة ما، كما أن أي ضعف في عملية النمو في الصغر يؤدي إلى مشاكل في الكبر، وضعف النمو في أحد الجوانب يؤدي إلى حدوث تأثيرات سلبية على الجوانب الأخرى. كما أن مراحل النمو هي مراحل مترابطة لا يمكن فصل أي مرحلة منها عن الأخرى، فكل مرحلة في السلسلة تؤدي إلى المرحلة التي تليها. أما أسرع مراحل النمو فهي المراحل الجنينية، وإن النمو يكون سريعاً في البداية ليتزن في مرحلة الشباب والرجولة، ويصبح بطيئاً كلما اقترب الإنسان من عمر الشيخوخة.

مراحل نمو الإنسان يمكن تصنيف الصفات والمظاهر التي تحدث في عملية النمو، ثم نسبها إلى مراحل عمرية معينة، حيث قسّم العلماء عملية النمو إلى مراحل لتسهيل دراستها وتحديد مميزات وصفات كل مرحلة، كما مكّنهم ذلك من تحديد متطلبات واحتياجات كل مرحلة من المراحل، وقد اعتمد التقسيم والتصنيف لمراحل النمو على أساس الخصائص الجسمانية، والعضوية، والغددية لكل مرحلة.

وفيما يأتي عرض لأهم هذه المراحل. مرحلة ما قبل الميلاد وتُسمى بالمرحلة الجنينية، وتبدأ منذ حدوث الإخصاب وتنتهي بحدوث الميلاد. ولهذه المرحلة أهمية خاصة؛ حيث إنها المرحلة التي تبدأ فيها الحياة وتتكون فيها أجهزة الجسم المختلفة، كما تنمو فيها الأعضاء الداخلية والخارجية، وفيها أيضا تبرز أهمية الصفات الوراثية والتي تتحول إلى قدرات، وإمكانيات، وسلوكيات. ولأهمية هذه المرحلة أولاها العلماء والباحثون رعايةً خاصة لمعرفة الظروف المناسبة والتي يجب توفيرها للأم كي ينمو جنينها في ظروف طبيعية، فقد بدأوا بدراسة الأجنّة عن طريق ملاحظة أسباب حدوث الإجهاض أو ولادة المولود ميتاً، بالإضافة إلى دراسة الأثر الذي تتركه حياة الأم الحامل على جنينها وسلامته.

وقد أشارت معظم الدراسات الطبية والنفسية إلى أن العلاقة بين الحامل وجنينها علاقة قوية ومترابطة، فسوء تغذية الأم ونقص الفيتامينات والعناصر الغذائية في جسمها أثناء فترة الحمل يؤثر سلباً على صحة جنينها، كما تؤثر انفعالاتها المختلفة كالقلق، أو الخوف، أو الانفعالات الحادة بشكل سلبي على الجنين أيضاً، وقد وُجد أيضاً أن تعاطي الأم أو شربها للمخدرات أو التدخين أثناء فترة الحمل وخاصة في الأشهر الأولى له تأثير كبير على سلامة الجنين، وخاصةً أن الجنين ينمو ويزداد حجمه بسرعة كبيرة.

مرحلة الرضاعة أو المهد وتبدأ مرحلة الرضاعة أو مرحلة المهد بالميلاد، حيث يولد الطفل الطبيعي مكتمل النمو من الناحية الجسمانية، كما تكون كل أجهزته قادرة على العمل، فيكون قادراً على التنفس، والبلع، والهضم، والإخراج اللاإرادي. وتكون عضلاته ضعيفة، وعظامه لينة ولا يستطيع السيطرة على حركاته. والجدير بالذكر أن المواليد الجُدد يختلفون عن بعضهم، حيث توجد بينهم فروقات فردية؛ لذلك يجب ألّا تتم مقارنة أي مولود بالآخر. وتشتمل هذه الفروقات على الوزن، والحجم، والطول، وحتى بالرضاعة، والبكاء، والصراخ. وينمو الطفل وتتطور قدراته وإمكانياته مع مرور الوقت، حيث إنه يتطور من شهر لآخر في الطول، والحجم، والوزن، وبملامح الوجه، كما تنمو أجهزة جسمه الداخلية كالجهاز العصبي، والغددي، والبولي، والتناسلي والجهاز التنفسي، وغيرها من أجهزة الجسم، كما تتطور حواسه المختلفة. وتستمر مرحلة المهد إلى نهاية العام الثاني من العمر.

مرحلة الطفولة المبكرة وتُسمّى بمرحلة رياض الأطفال أو مرحلة ما قبل دخول المدرسة. وتبدأ هذه المرحلة من العام الثالث وتستمر إلى نهاية العام الخامس، وفي هذه المرحلة تحدث مجموعة من التغيرات على المستوى الجسماني، والفسيولوجي، والنمو الحركي، والحسي، والنمو العقلي، والانفعالي، وفيما يأتي مجموعة من الخصائص والسمات العامة التي يتسم بها الطفل في هذه المرحلة ومن هذه الخصائص: عدم اهتمام الطفال بما يطلبه الكبار، وتسود السلبية والمقاومة على تصرفاته. يتّصف الطفل بالعصيان والتمرّد، وتزداد حالات الانفجار العصبية لديه.

يتميز الطفل بالنشاط، وكثرة الحركة، واللعب بكل ما يراه أمامه، ويكون شديد الميل نحو الفك والتركيب. تزداد أسئلة الطفل وثرثرته، ويزداد حب الاستطلاع لديه. يكتسب الطفل مهارات اللغة، والمهارات الحركية المختلفة، وتنمو شخصيته بشكل ملحوظ. يستطيع الطفل في هذه المرحلة أن يتحكم بعملية الإخراج، ويصل إلى الاتزان الفسيولوجي. يبدأ الطفل في التقليد، فيميل الذكورإلى تقليد الرجال، وتميل الإناث إلى تقليد النساء. يكتسب الطفل بعض المفاهيم المجرّدة، ويبدأ باستخدام الضمائر، ويفهم المقصود بالممنوع والمرغوب، ويبدأ بالتفريق بين الخطأ والصواب.

يُميّز الطفل بين الخير والشر، وخاصةً في المواقف التي تحدث في فترات زمنية متقاربة أو في المواقف المباشرة. مرحلة الطفولة الوسطى والمتأخرة وتُسمّى هذه المرحلة بالمرحلة الابتدائية، وتبدأ من عمر السادسة إلى عمر الثانية عشرة، ويقسم العديد من الباحثين هذه المرحلة إلى جزأين، الأول يبدأ من عمر السادسة لينتهي في عمر التاسعة، والثاني يبدأ في عمر العاشرة لينتهي في عمر الثانية عشرة، وهذا الجزء هو مرحلة الطفولة المتأخرة، ويمكن تسمية هذه المرحلة أيضاً بمرحلة الطفولة الهادئة؛ نظراً للتغيرات الهادئة التي تحدث في الجسم مقارنةً بالمراحل العمرية الأخرى.

ومن التغيرات التي تحدث في هذه المرحلة وخاصة في المرحلة العمرية 7-9 سنوات، أن يبدأ الطفل بعملية استبدال الأسنان اللبنية لتحل محلها الأسنان الدائمة، ويبدأ بتكوين صداقات جديدة والتفاعل مع المجتمع، كما يستقل عن المنزل بقضاء أوقات طويلة خارجه. وفي هذه المرحلة تظهر الفروقات الفردية بين الأطفال بشكل واضح، كما تتطور حاسة اللمس إلى درجة كبيرة، ويصل الطفل إلى درجة من الهدوء والاستقرار مقارنةً بالمراحل السابقة، وتزداد سرعة نموّ الذات. كما يميل إلى نفس جنسه أثناء اللعب، فتلعب الإناث مع الإناث، ويلعب الذكور مع الذكور. والجدير بالذكر أن هذه الصفات لا تحدث في المراحل العمرية الأخرى، بالإضافة إلى حدوث العديد من التغيرات على المستويات الجسمانية، والحركية، والفسيولوجية، والحسية، والعقلية، والانفعالية.

مرحلة المراهقة وتبدأ هذه المرحلة ببداية البلوغ أو النضج الجنسي لتستمر حتى نهاية العشرينات، ويمكن القول إن بداية البلوغ تختلف من فردٍ لآخر وفقاً للفروقات الفردية والجنسية، فمثلاً تصل الإناث إلى سن البلوغ قبل الأولاد. وفي هذه المرحلة تظهر ملامح الشخصية ومعالمها وطبائعها، وتبدأ بالثبات النسبي لتُسفر عن ظهور فردٍ يتحمّل المسؤولية في مجتمعه، ويكون على أتم الاستعداد لتحمّل الأعباء الأسرية والاجتماعية، وإن مرحلة المراهقة تدل على فترةٍ زمنيةٍ تبدأ بالبلوغ وتنتهي بالنضج الكامل لمختلف مراحل النمو. كما أن معنى المراهقة ومدتها يختلفان لدى الشعوب المختلفة وباختلاف الثقافات؛ فهناك مجتمعات تنتهي فيها مرحلة المراهقة في أوائل العقد الثاني من العمر، أي أوائل العشرينات، وهناك مجتمعاتٌ تمتدّ فيها المراهقة إلى ما بعد العشرينات من العمر.

ومن مطالب النّموّ خلال مرحلة المراهقة، تكوين مفهوم سليم لدى الفرد نحو جسمه ليدرك أن الله تعالى قد خلق الناس متفاوتين في قدراتهم، وإمكاناتهم الاجتماعية، والجسمية، والعقلية، ويجب على المرء أن يتقبل ذلك ليحيا حياة سعيدة. كما أنه يجب أن تتم تربية الفرد تربية جنسية سليمة، وأن يتقبل أي تغيُّراتٍ جسمانية وفسيولوجية تحدث له، سواء كان ذكراً أو أنثى، وعليه أن يكتسب صفات المواطن الصالح، وأن يُكمل مراحل تعليمه، ويستعد لتحمل المسؤوليات، ويتعلم كيف يستقل مادياً وفكرياً ويعتمد على نفسه، وأن يبني أسرةً جيدةً، كما عليه أن يتعلم كيف يسيطر على دوافعه الجنسية، وأن يتعلم القيم الدينية والأخلاقية المناسبة للبيئة المحيطة. والجدير بالذكر أن مرحلة المراهقة يمكن معرفة بدايتها إلّا أنه يصعب تحديد نهايتها، حيث يُقسم العلماء المرحلة إلى مراهقة مبكرة تبدأ من 13 سنة إلى 15 سنة، ومراهقة متوسطة تبدأ بسن 15 سنة وتنتهي بسن 18 سنة، ومراهقة متأخرة تبدأ من سن 19 سنة وتنتهي بسن 21 سنة.

مرحلة الرشد وتبدأ هذه المرحلة بعد أن تنتهي مرحلة المراهقة، أي بداية العقد الثالث من العمر وتستمر إلى بداية مرحلة الشيخوخة في العقد السابع، ويقسم بعض الباحثين هذه المرحلة إلى جزأين، الأول يبدأ في العقد الثالث ويستمر إلى العقد الرابع وهو مرحلة الشباب، والجزء الثاني مرحلة الرشد وتشتمل على العقد الخامس والسادس من عمر المرء. وتُعتبر هذه المرحلة من أطول المراحل، كما تختلف باختلاف المجتمعات. وهُناك عوامل عدة تؤدي إلى اختلاف مدة هذه المرحلة وخصائها مثل الشيخوخة المبكرة، وسن التقاعد، ومستويات التعليم، والمستويات الاقتصادية والثقافية، ويتأثر بذلك قدرة اعتماد الشاب على نفسه واستقلاله عن أسرته. وبطبيعة الحال يمكن القول إن النمو الجسمي يكتمل بانتهاء مرحلة المراهقة الأمر الذي يجعل الفرد مؤهلاً لدخول مرحلة الرشد.

مرحلة الشيخوخة وتبدأ مرحلة الشيخوخة مع نهاية مرحلة الرشد وبداية مرحلة العجز. وعادةً ما يُطلق على هذه المرحلة اسم مرحلة الهرم أو العمر الثالث، ويمكن القول إنه كلما زاد عمر الإنسان اقترب من مرحلة الهرم أو العجز. وتُعد هذه المرحلة مرحلة الاستهلاك التدريجي لأجهزة الجسم. كما يصعب تحديد بدايتها بدقة، وتتأثر بدايتها بعدة عوامل منها نوعية التغذية، ومهنة الفرد، والظروف البيئية المحيطة، ومدى انتشار الأمراض. ويقول بعض الباحثين المختصين إن الشيخوخة عبارة عن مرحلة من العمر يحدث فيها ضعف عام في صحة الفرد، وضعف في قواه العضلية، كما تقل طاقته الجسمية والجنسية بشكل عام، كما تضعف حواسه وذاكرته.

وإن الشيخوخة من المراحل القاسية التي يتخللها إصابة المرء بالأمراض، ومن الممكن أن يحدث خلالها بعض من عدم الاتزان، والانفعالات، والشعور بالكآبة؛ نتيجة الخوف من الموت، ولذلك يجب على الفرد أن يستعد لها أتم الاستعداد، ومن الأمور التي يجب أن يحقّقها المسن، أن يكون راضياً وقنوعاً بما يحدث معه من مشاكل صحية، كما يجب أن يغير نوعية الأنشطة التي يقوم بها بما يتناسب مع إمكانياته الجسمانية، وأن يغير ميوله واهتماماته إذا كان متقاعداً عن العمل، وأن يكون مستعداً لتقبل المساعدة من الآخرين سواء كانوا أقاربه، أو أبنائه، أو أصدقائه، وعليه أن يكون مستعداً لانشغال أبنائه عنه، وأن يتقبل فكرة فراق أحبابه سواء كانوا متوفين أو غير قادرين على الزيارات المتواصلة.